أتذكرك يا حبي
الشاعرة نور أبو غيدا
أتذكرك في ليالي صيفية
في نسيم عليل على شواطئ رمال ذهبية
في ضحكات الأطفال الشقية
في ألحان عود شرقية
أتذكرك في حب مجنون و في لهفة العيون
في دقات قلب عاشق للجنون و في اشتياق الروح للهدوء
أتذكرك في أمنيات كانت أسرارها مع النجوم
و في كلمات غزل على أضواء الشموع
أتذكرك في لعب و لهو و ضحكات قلب مسرور
وفي همسات اعتراف عاشق وخجل معجب ملهوف
في رقصات مسروقة من عقارب الساعة و من ساعات ليل ساهر بلا حدود
في أمواج بحر على الصخور و في أصداف في سلتي اجتمعت بلا كم معدود
في فساتين بيضاء و في عطر و في تبرج براق
أتذكرك مع رائحة الورد و مع كل باقة جوري وياسمين
أتذكرك مع كل لوعة حنين
و كل أمل بغد جميل
أتذكرك في البسمات و في النظرات و في كل شيئ رقيق
في الصباح و في المساء و في فنجان قهوتي السوداء
في كلامي أمام المرآة و في نظري الى صورتك القديمة كل مساء
في تغريدات العصافير و زقزقتها مع طلوع الشمس و جمال الأجواء
أتذكرك في كل بشرة سمراء و في كل العيون السوداء
أتذكرك في كتاباتي المنسية و في دفاتري القديمة السرية
أتذكرك في جنون الصيف و جمال الربيع و حزن الخريف ووحدة الشتاء
أتذكرك في ساعات النسيان وفي هدوء المساء وفي صخب النهار
أتذكرك في كل مافي الحياة
أتذكرك في أنفاسي و خوفي من أنفاسي أن تنقطع و تقطع معها ذاك
رحمك الله يا حبي … فقد أمسيت الآن شهيد
الرسام أحمد الطيب
رحماك ربي
الشاعرة نور أبو غيدا
في عينيها تدور الدنيا
وعلى شفاهها قطف التوت و العنّاب
و أنفاسها شذى الياسمين
دابت روحي بحبها فعشقها يزل الناسك المتعبد عن خطاه
و في حضرتها أستبيح الممنوع
و أسكر على نظراتي لها
و أسترقها من بين خصل شعرها الأسود المخملي
.المخملي المعطر بمسكٍ و بخورٍ تفوح منه نسمات الحب الأزلي
فمن مثلها في زمانٍ لم تبقى النساء نساء
و اندثرت الأنوثة فلم تبقى أنثى غيرها
فتربعت ملكة النساء على عرشٍ صعب المنال
.و ما أنا بفارسٍ لأكون لها شريكاً
.فقررت الصوم عن زلتي لأتوب
.و ما نفع صومي في حضرة الملذات و قلبي فيها يدوب
و من غير ربي يرحمني و يعفو زلتي
.و من غيره يتقبلني كما أنا
فرحماك ربي عن حور عينٍ في الأرض لها مكان
و جنتي هي و ناري هي
.و عذابي هي و خلاصي هي
و ما لعنة عاشق إلا نظرات من عينيها
.عيون المها تأسره كأسيرٍ يأبى حريةً رسمت بعيداً عن جدرانها
.رحماك ربي
Photo credit: Matthew Wiebe
بقايا حب مسروق
الشاعرة نور أبو غيدا
بجعبتي الكثير الكثير
بجعبتي حكايا و أساطير
قررت أن أقصها عليكم
و لكن من بينها ما كان القلب له يميل
من بينها من كانت المشاعر له تلين
أفأبوح بسرٍ كان بداخلي يعيش
أم أبقيه بين ثنايا قلب حائر كله حنين
سأقص عليكم القصة
علّها تكن لكم عبرة
فالحب إن ذهب فإنه لن يعود
لن ينظر خلفه لن يكون مجدداً كما أردته أن يكون
فتاه في ملامحها يرقص ضوء القمر
في عينيها نجوم تتلألأ و ترقص الشهب
و على شفاهها مسك بلون العناب كأنه الشهد المنتظر
جمال عربي يأخذك معه بعيداً في كل ليلة ألف و ألف ليلة
يحملك بعيداً إلى دنيا الخيال إلى عالم جميل من نسج الأساطير؛
أحبته حبّاً جمّاً؛ أحبته و عرفت منذ اللحظة الأولى أنه هو المنتظر
أمّا هو فجماله لم يكن جمال بشر
جمال آلهة .. جمال إغريقي يبكي له الحجر
فقي عينيه تبحر ألف و ألف سفينة بلا رجعة بلا هيبة من الغرق
بشرة سمراء تلمع فيها الشمس كالذهب
و شفاه فيها تدور الكلمات كدوران الأرض حول محورها
فيه من الجمال ما لم تر عين أبداً و فيه شهامة العرب
كان مقسوم لقاؤهما؛ مقسوم من فعل القدر
ولديه حب يفوق حب كل البشر
دارت الأيام و انقضت و لم يهمس كل منهما بحرف قط
فكانت عيناهما تروي كل ما كان بينهما على مضض
ومن أصدق قولاً من كلام العيون؟
ففي حضرته تسكت كل الجوارح صمتاً مطبقاً لهيبة الحديث
فحديث هو قد قلّ .. لكنه صدق
حب يسرق وجوده من عقارب الساعة في موعد بين النظرات يسترق
أحبا بعضهما بكل شيء .. أحبوا جمالاً أحبوا إنساناً أحبوا روحاً و جسداً
و مرّت أيّام عدة تحولت إلى أشهر و كان كل ما بينهما يدور حول نظرات شغوفة
ابتسامات خجولة و سلام محدود كأنه كان ممنوعاً
ولكن القلب أبى و استكبر و للحب هذا استسلم
و إن كان لقائهما مسروقاً من الوقت خلسة .. مسروقاً من الوجع و الوحدة
مسروقاً من أمال كانت مع النجوم بعيدة المنال عنهما
ولكن هذا الحب كبر و استرسل و مع الأيام أصبح هو الأقوى
فكان هو بلسمها و رفيق وحدتها
كان الشفاء من مرض قلب تعب و مل من الألم
من روح تمزقت ظلماً أرهقت كبتا و ماتت حرقة
فكان لها خلاصاً كان لها حباً منتظراً كان لها أملاً كان وعداً .. و قد تحقق
أمّا هو فقد وجد ضالته وجد ما تاه باحثاً عنه سنين عدة
فعلى طرفها وجد الأمان فكانت له الحب
أغدقته بالحنان المفقود فكانت لروحه الخلاص
فلم يعد تائهاً و لم يعد جثة بجسد إنسان
يسترق هو الحجج لرؤيتها أينما و حيثما كان
تبحث هي عنه بالأزقة و في كل الأركان
إلى أن أتى اليوم ذاك
اليوم الذي فيه أنشق القمر و سقطت النجوم
اليوم الذي احترقت فيه السماء
غاب عن عينيها أيام و أيام
بحثت عنه ولكن بلا حيلة
لم تجده و لم تسمع عنه شيئاً
حتى الآن
فشاء القدر أن يبعث لها هذا المرسال
شاء أن يخبرها بما كان
فلقد زفّ حبيبها
شهيد السماء
الرسامة نور أبو غيدا
الأنا
الشاعرة نور أبو غيدا
تائهة بين الأنا بكل حالاتها
بين الوجود واللا وجود
بين كلمات ثائرة بلا حدود
عالقة بين خطوط الزمان في اللا مكان
هناك أنا قابعة بين جدران الأحلام
!أمسيت بأنا و أصبحت بغيرها.. أفما آن للأنا أن تتبدل؟
!و بدورها أن تقبل؟
ألم تسأم التقلقل بين حالاتها
!و تبدلها تارة بعد تارة و ثوران أفكارها؟
هناك بعيداً عن كل الضوضاء
بعيداً عن العنجهية و الكبرياء فوق تلك السحابة البيضاء
تكون الأنا محفورة في غمام الغيم الأبيض
ملفوفة بالنقاء مسرجة بنور الشمس
مضاءة بخيوطها الذهبية إشراقاً جميلاً وقوراً
أكره الرياء و أمقت الاختباء بغير الأنا التي بداخلي
أشعر بالازدراء كثعبان يسعى للانسلاخ و تبديل جلده الرث في الحال
و إن كانوا يطلقون علي صفة الغموض و الكتمان
و إن كانت قد تعبت روحي من كل غدار في هذه الحياة
فلن أبدل الأنا و لن أكون بغيرها حسناء
أقبع بعيداً عن ضوضاء الأقنعة عن سمفونية الرياء
بعيداً عن كل هذا الدهاء
!أكون أنا من أحببت أن أكون
من أحببت روحي التصالح معه لكي أكون
لا أملك خزانة مليئة بالأقنعة كما يملكون
ولا أبدل نفسي كما يبدلون
لست وليدة المواقف
و لا رهينة المصالح
لا تكسرني الهموم
و لن أكون ما أكره أن أكون
لن أكون كما يستسيغون
فأنا هي أنا حتى و إن شاؤوا ألا يشاؤون
الرسامة نور أبو غيدا
ثكلى
الشاعرة نور أبو غيدا
ثكلى الروح و الجسد؛
.تلك هي الأنثى بلا حلم
،كفي عن إرضاء نفسك بأشباه الأمور
،بأشباه الحلول
،بأشباه الرجال
.فلست بشبيهة روح و لا جسد و لست بشبيهة أحد
لا تكوني مركونة عند تلك الزاوية المظلمة الرثة المتصدعة بكلمة “لو”؛
لا تكوني كغيرك ممن ظنوا أن لا حياة لهن مع أحلامهن
،و أنهم خلقن للمكوث تحت مسميات الأنثى التقليدية
،لا تتنازلي عن عشقك
،عن حلمك
عن أملك
..لاتتنازلي عمن هي أنتي
كوني أنتي كما حلمت أن تكوني؛
لا تكوني رثة من الداخل ترتدين قناعا مجتمعيا زائفا بالألقاب المقبولة؛
حتى و إن كان هذا سببا بنعتهم لك بالمجنونة؛
بالمتمردة؛
باللا مقبولة
مادامت تلك الألقاب منهم فهي ألقاب موهومة مسمومة بفكر شرقي متحجر
.لا ترضي بلقب ليس فيه حياة لك و إن كان فيه حياة لكل من حولك
.إدفعي بقلبك للحياة للحب و العمل و إدفعي نفسك للحلم للمغامرة للجنون و الأمل
.لا تبكي ضياع نفسك في سبيل إرضائهم و لا تهدمي هدفا لانه لم يلمع بأعينهم
..كوني أنثى عنفوانية غير مكبلة؛ حالمة غير مقروءة
.حققي ما حلمتي بالحياة من أجله و به ؛ كوني أنت الحياة كما أردتها أن تكون
لا تكوني متصدعة متهاوية الداخل
لا تعلني حدادا أبديا و لاتعيشي سرابا منسيا
.لا تكوني خيالا و هميا لأنثى مكبوتة
Photo credit: Natheer Halawani